الأحد، 2 فبراير 2014

صحافة.. لايملكها احد

وراء المتاعب
بقلم: محمد الشرقاوى
صحافة.. لايملكها احد


نضحك على انفسنا حين  نقول ان الصحف القومية يملكها الشعب .. لان الذى يملك هوالذى يتحكم .. والشعب فى الواقع لايتحكم فى هذه الصحف .. بل فى احيان كثيرة كانت ضده ..فكيف يملكها وهى لاتعيره الاهتمام الحقيقى  ولاتقول له الحقيقة ..
ونضحك على انفسنا ايضا اذا قلنا ان الدولة هى التى تملكها .. لان المالك الذى يتحكم فى ملكه يتحمل كل النفقات .. والواقع يقول ان هذه الصحف لاتنفق عليها الدولة شيئا وتريدها ان تنفق على نفسها وتحتفظ الدولة بسلطة التحكم فيها .. وهو منطق مغلوط لايوجد مثيل له  فى اى مكان ..
تركت الدولة هذه الصحف دون ان تنفق عليها سنوات طويلة.. رغم انها كانت دائما تعين رؤساءها وتحدد سياستها التحريرية .. تراكمت ديونها  بعدان انهارت اداريا وماليا بسبب سوء توزيعها وانخفاض الاعلانات بها ..
ومنذ سنوات والدولة تبحث عن مخرج لتنفض يدها من هذه الصحف ماليا ..ولكنها ابدا لاتريد ان تتخلى عنها تحريريا ..بدليل انها فى الدستور تلغى ملكيتها لمجلس الشورى وتنشئ بدلا عنه مجلسا قوميا يتولى كل شيئ نيابة عنها .. وحتى الكلام عن تشكيل هذا المجلس الجديد سيجعلها اكثر حرية وغير تابعة للدولة .. يبدوخياليا ..ومخادعا .. لان تشكيل هذا المجلس سيخضع لنفوذ الدولة ايضا ..
سيقول احدهم ان الذى يشكل هذا المجلس هو البرلمان الذى يأتى بالانتخابات ..والسؤال هنا: ألن تحرص الحكومة التى تجري الانتخابات على ان تكون لها الاغلبية .. يعنى هى التى تملك كل شئ ..وهى التى تشكل المجلس وندور فى دائرة مفرغة ..الدولة تملك كل شئي الا الانفاق عليه .. وهذه هى المعضلة التى تحتاج حسما من الان ..
لكى تكون عندنا صحافة حرة يملكها الشعب يجب ان نتعامل معها على انها ملك للشعب فعلا ..ينفق عليها لكى تعبر عنه ..
الدولة تفعل ذلك مع اساتذة الجامعات .. ومع القضاة ومع رجال الشرطة  .. وكلهم فى خدمة الشعب ..الصحافة ايضا تخدم الشعب ولابد ان تنفق عليها الدولة .. ولاتكتفى فقط بالتحكم فى تعيين قياداتها .
تعالوا ننظر الى الصحف المستقلة التى تنافس حاليا الصحف القومية بشراسة .. واكاد اقول ان بعضها تفوق على بعض الصحف القومية ماليا وتحريريا ايضا .. هل تعيش هذه الصحف المستقلة من جهدها ام ان هناك من ينفق عليها ويوفر للعاملين فيها وسائل نجاحهم .. بالطبع هناك رجل او رجال اعمال يملكونها ويمارسون هذه الملكية بشكل كامل .. وليس( نص نص) كما يحدث فى الصحف القومية ..
حتى الصحف الحزبية هناك احزاب تنفق  ولم نسمع ان صحيفة يمكن ان تنجح فى نفس المناخ الذى تعيش فيه مؤسساتنا القومية
خلاصة الكلام لاى حكومة : مادمتم تعينون قياداتها فتحملوا اذن اعباءها المالية .. ولن يكون مقبولا فى المجتمعات النامية التخلى عن وسائل الاعلام .. الدولة تملك وكالة انباء  تتحمل نفقاتها وزارة المالية وتتحمل الدولة ايضا نفقات التليفزيون والاذاعة فلماذا تترك الصحف  تتسول المرتبات شهريا ..وتتعثر فى تلبية متطلبات الخامات اللازمة لانتاج الاصدارات

هذه هى الخطوة الاولى وبعدها تعالوا نتحدث عن حرية اصدار الصحف .. ان حماية الصحفى تبدأ بمرتبه قبل ان نصل  الى حرية التعبير.. لان الدول فى مراحل التحول تحتاج اعلاما تنمويا ..يحشد الجماهير لمشروعاتها القومية قبل ان تتحدث فى بقية القضايا التى لاتجد حلولا منذتأميم الصحافة فى العهد الناصرى

ليست هناك تعليقات: