الأحد، 2 فبراير 2014

العذاب الابدى

وراء المتاعب
بقلم: محمد الشرقاوى
العذاب الابدى


هل مكتوب على المصريين ان يعيشوا فى عذاب ابدى لانهاية له .. مثل سيزيف  بطل الاسطورة الاغريقية ..التى اتذكرها هذه الايام وانا ارى الناس يتعذبون بحثا عن انبوبة بوتجاز .. او وظيفة او علاج فى مستشفى لايليق بالبشر .. وهو حالهم منذا اكثر من ثلاثين عاما .. قبل الثورة وبعدها ..  
ومن المدهش اننا نصدق كل رؤسائنا الذين تولوا مقاليد الامور.. واشبعونا تأكيدا بأن الفقراء فى مقدمة اهتمامهم.. ونكتشف بعد فوات العمر باننا كما قال نزار قبانى كنا (نقاتل خيط دخان) فكل رئيس كان يعبئنا لنقف خلفه املين ان يحل مشاكلنا ..ثم نكتشف انه رحل  وزاد الفقراء فقرا .. وزادت المشكلات تعقيدا  
حدث هذا مع اول ثورة فى تاريخنا المعاصر قبل ستين عاما  وحدث ايضا بعد ثورة 25 يناير التى مازلنا حتى هذه اللحظة نبحث عن الاسباب التى ادت الى خروج البعض عليها .. واتهامها بانها لم تحقق ايا من اهدافها فى الحياة الحرة الكريمة .. وهانحن نسمع الان دعوات للعودة الى نقطة البداية.. حيث الثورة التى كانت فى الاصل تدعوا للعيش والحرية  والعدالة الاجتماعية ..
اسوأ مايزعجنا الان ان نرى الفقراء من حولنا يعانون اكثر .. وكأنه مكتوب عليهم ان يعانوا فى كل العصور  والى مالانهاية .. تماما مثل سيزيف أو سيسيفوس  الذى كان واحدا  من أكثر الشخصيات مكراً بحسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس مما أغضب كبير الآلهة زيوس، فعاقبه عقابا لم يخطر على بال احد يتمثل فى أن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى اسفل الجبل مرة اخرى، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا الى الأبد، فأصبح رمزا  للعذاب الأبدي.
والمتأمل لهذه الاسطورة لابد ان يتذكر حال البسطاء وهم يستجيبون لحكومتهم وهى تطالبهم فى كل العصور تقريبا بشد الحزام وتحمل الفترات الصعبة حتى تتخطى الحكومة الازمة الايام الصعبة على ان يأتى النعيم الذى يطول انتظاره  والذى لم يأت ابدا
كتب  الاديب الفرنسى ألبير كامو في  عام 1942 يصف سيزيس بانه يجسد هراء ولا منطقية ولا عقلانية الحياة الإنسانية، و أن المرء لابد أن يتخيل أن سيزيف سعيد مسرور. تماما كما أن النضال والصراع والكفاح ذاته نحو الأعالي والمرتفعات كاف وكفيل بأن يملأ فؤاد الإنسان بالطموح
وتقول الوكبيديا انه طبقا للنظرية الشمسية، فإن سيزيف هو قرص الشمس الذي يطلع كل صباح من الشرق ويهوى غاربا في الغرب. ويعتبره باحثون آخرون تشخيصا للأمواج الهائجة ارتفاعا وانخفاضا أو للبحر الغدار. وفي القرن الأول قبل الميلاد فسر الفيلسوف  لوكريتوس أسطورة سيزيف كتجسيم للساسة الذين يطمحون ويسعون باستماتة إلى الكرسي والمنصب السياسي وأنهم مهزومون مغلوبون في مسعاهم بصفة دائمة مستمرة، وأن السطوة والسلطة مجرد شيء فارغ خاو في حقيقتها، تماما مثل دحرجة الصخرة  لأعلى الجبل.


ليست هناك تعليقات: