السبت، 25 فبراير 2017

4 دروس ..فى الذكرى الأولى لوفاة (أسطورة صحفية)

مرت الذكرى الاولى لوفاة الأستاذ محمد حسنين هيكل بهدوء ..ولم يحتف بها بشكل سخى الا جريدة الاهرام التى انطلق منها وبها ليصنع تاريخا ضخما ..جعلت تلاميذه يطلقون عليه: اسطورة صحفية مصرية .. حيث عاش حياته مخلصا لقلمه ومبدعا بأفكار سبقت عصره ..و تقدم للجيل الجديد قواعد للنجاح فى الحياة وفى مهنة البحث عن المتاعب ..فى الذكرى الاولى التى كانت يوم 17فبراير كتب تلاميذه وزملاؤه ذكريات لاتنسى عنه .. وهو مايمكن اجماله فى 4 دروس
أولا: الامانة
 الصحافة رسالة.. والكتابة بحث ومعلومات وتعمق ودراسة وأمانة..هذا أهم ماتعلمه الكاتب الكبيرصلاح منتصر من هيكل الذى تعلم ايضا  تقديسه حياة الزوجية ، وملبسه الأنيق ،وربطات عنقه قبل وفاة ناصر،والأحذية بدون رباط ، واعتداده بكرامته ، واحترامه مهنته ، وعدم لوم زميل أمام زميل آخر، واستخلاص أفضل مالدى الآخرين.. فلم يحدث فى تاريخ المهنة أن امتلك رجل ما امتلكه هيكل من اتصالات وقراءات فى مختلف التنوعات ..وترتيب فى حياته يخضع لبرنامج قاس يلتزم به مهما كانت الظروف.. وتعليم لذاته لا يتوقف .. وهو يعتبره أستاذه على المستوى الخاص وأستاذ ثلاثة أجيال من المشتغلين بالصحافة والكتابة ..
ثانيا : المعلومات
 كتاباته مصدر ومرجع لا يمكن الاستغناء عنه لمن يريد أن يكتب تاريخ مصر المعاصرة –هذا هو رأي الدكتورعاصم الدسوقى .. الذى يري أن شهرة هيكل في عالم الصحافة والسياسة جاءت من أهمية المعلومات التي ترد في مقالاته وحواراته بكل ما تحمله من خطورة وحساسية حسب مقتضى الحال، وهي معلومات استمدها من طبيعة عمله بالصحافة ابتداء من مطلع عام 1942 من الاجيبشيان جازيت إلى الأهرام مرورا بالأخبار وآخر ساعة ..  
لماذا اتخذ هيكل الأسلوب الوصفي البارع المتقن دقيق الملامح في كل ما يكتبه ..؟. يجيب هيكل على هذا السؤال بقوله: إن أول رئيس تحرير عمل معه هارولد إيرل رئيس تحرير الاجيبسيان جازيت، نصحه ومن معه عند التحاقه للتدريب في جريدته بألا يفكر في إرسال مواد إخبارية عاجلة لصحيفته لأن وكالات الأنباء سوف تسبقه .. وأن ما يمكن التفوق فيه على الغير يأتي من التركيز على خلفية الوقائع والحوادث «راسما باللون والظل وبالصوت والهمس صورا حية للأجواء والظروف والملابسات
ثالثا : المناصب لاتصنعنا
 الدرس الأهم تعلمته حين ذهبت إليه في مكتبه يوم خروجه من الأهرام وهو يجمع أوراقه وفى عينيه دمعة جامدة يومها أدركت أن المناصب لا تصنعنا وأن هيكل الكاتب هو الأبقى وان من أعطاني المنصب يمكن أن يسلبه منى في يوم من الأيام .. هكذا قال عنه الشاعر الكبر فاروق جويدة ..ولو لم يكن كاتبا سياسيا كبيرا لكان روائيا من طراز رفيع  
نقل جويدة عن زوجة هيكل قولها:  هناك أوراق كثيرة ووثائق سوف نراجع ما فيها ونقدم للدولة ما يخصها, وقد اخبرنى اخيرا د.احمد هيكل بأنه سيشكل لجنة من الباحثين والكتاب وأصدقاء الأستاذ للتعامل مع هذه الوثائق في الفترة القادمة ووضعها في مكانها الصحيح.
رابعا: رحم الله الصحافة

يرى الكاتب اللبناني الكبير طلال سلمان  مؤسس جريدة السفير أن هيكل  اختار الغياب مع انتهاء عصر الصحافة.. كما عرفناها فى زمنه، وكما لن يعرفها الآتون بعده وبعدنا.. فلقد انتهى عصر الكلمة المثقلة بالأفكار، شارحة الأخبار والأحداث بدلالاتها الفعلية التى يقبلها العقل والمنطق، وتفتح باب الاستنتاج المستند إلى التحليل البعيد عن الهوى
رحم الله هيكل... والصحافة العربية.