الأحد، 2 فبراير 2014

هكذا الدنيا .. ياصديقى

وراء المتاعب
بقلم : محمد الشرقاوى
هكذا الدنيا .. ياصديقى
ربما يكون موبايلى واحدا من الارقام التى لم يرد عليها ..قبل الوفاة بساعات فوجئت بجارى فى المسكن يسأنى ان كنت علمت بانه فى المستشفى .. كان يتحدث عن زميل العمر محمود نافع .. وجارى هذا هو ابن عمه .. لم  يكد يكمل كلامه عن سبب دخوله المستشفى حتى كنت اطلبه تليفونيا.. جائنى صوت الشركة التى تخبرنى بان هذا الرقم اضيف اليه رقم اثنين .. ياالهى هكذا مرت كل تلك الشهور ولم نتحدث ..يالهذه الدنيا التى شغلتنا الى هذه الدرجة لننسى فى زحمتها ان نتوا صل حتى يأتى المرض ليجمعنا .. واحيانا يكون الموت هو السبب.. طلبته بعد تعديل الرقم ولم يرد ..ثم علمت الخبر المفجع ولم املك غير الدعاء لله سبحانه وتعالى ان يسكنه فسيح جناته
منذ ترك رئاسة تحرير الجمهورية قبل مايقرب من عام افتقدت ضحكته المجلجلة وقفشاته التى تعكس روحا مرحة لم تفارقه منذ عرفته قبل ثلاثين عاما ..منذ تزاملنا كمحررين تحت التمرين فى العدد الاسبوعى للجمهورية ..مع زميلنا المرحوم جمال كمال الذى سبقنا الى رحمة الله تعالى .. وكان ثالثنا الا ستاذ محمد الفوال ..كنامعا طوال النهار فى تحقيقات العدد الاسبوعى فى اهم فترات ازدهاره وقت ان كان الاستاذ سمير رجب مدير تحريره
فرقتنا الايام .. وتألق هو فى العديد من الصحف العربية والخاصة حتى صار رئيسا لتحرير واحد من اهم البرامج التليفزيونية فى العللم العربى .. وسافرت انا وصديقى الفوال للعمل فى جريدة الراية القطرية .. وعدنا  الى جريدتنا .. ووصل محمود الى ان صار مديرا لتحرير العدد الاسبوعى ثم رئيسا لتحرير الجمهورية قبل عامين
اختلفنا كثيرا قبل تعيينه رئيسا للتحرير فقد كنت اتصور اننى احق بهذا المنصب .. وعندما اختاره القدر  اتصلت به مهنئا ومعتذرا عن الاستمرار فى العمل بديسك الجمهورية والاكتفاء بمقالى الاسبوعى .. ويومها اصر بشده على  استمرارى بدافع من العلاقات الاسرية التى تربطنا  والتى هى اكبر واعمق من علاقة العمل .. وقلت اننى ساتفرغ لتكنولوجيا المعلومات التى اسستها فى هذه المؤسسة وجاء الوقت لتنطلق.. ووعدته بان يكون للجمهورية موقع الكترونى افضل من كل المواقع المصرية .. وشغلتنا الحياة عدة اسابيع حتى وجدته يتصل بى   للاطمئنان على الصحة بعد عملية جراحية اجريتها بالمستشفى ثم سألنى ان كنت ارشح له زميلا يتولى رئاسة تحرير جريدة الرأى  التى انضمت الى اصدارات المؤسسة
سألته ضاحكا : لماذا تسألنى انا بالذات .. فرد بضحكته التى لاتخطئها عين  : انت تعرف من فى المؤسسة اكثر منى وانا اثق فى اختياراتك وقد يكون لك رأى اخر
فهمت منه انه يعرض المنصب على .. ولما ضحكنا معا وانا اقول له انت عاوز ترشحنى قال : اعرف انها اقل مما تستحق ولذلك ترددت والمطلوب ان اخبر من طلب منى الترشيح الان .. فقلت له اذن لنجرب ياصديقى .. وكان سعيدا اننى وافقت
ومرت الايام واتصل بي بعد صدور العدد الاول ليهنئنى ووجدتها فرصة ايضا لاهنئه بالنجاح الذى حققه فى الجمهورية .. على ان الدنيا لاتعطينا كل شيئ فقد تغيرت اشياء كثيرة فى البلد  وتفجرت مشاكل فى الصحافة المصرية انتهت بان غادر منصبه وظل يكتب مقاله حتى الاسبوعى حتى دخل المستشفى فى هدوء وغادربعد الدنيا فى هدوء وهو الذى كان يملأ المؤسسة مرحا
اليوم ابكيه .. وابكى معه ايام العمر التى نضيعها بحثا عن مناصب اكتشفنا بعد فوات الاوان انها لم تكن تستحق .. وان مايتبقى من الانسان بعد رحيل العمر ليس الا ماقاله الرسول الكريم صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعوا له .. واحسب ان المرحوم باذن الله كان له نصيب وفير من ذلك 

ليست هناك تعليقات: