السبت، 6 ديسمبر 2008

رسائل أوباما

أمام الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما حاليا آلاف الملفات والدراسات والابحاث يعكف علي دراستها مع فريق المعاونين الذي نجح في القفز به إلي رئاسة أقوي دول العالم.. في سابقة تاريخية تستحق ان نتوقف أمامها وان نستخلص منها دروسا وعبرا لعلها تفيدنا نحن سكان العالم الثالث الذين انشغلنا بالحديث عن أوباما واصله الإسلامي وميوله الإسرائيلية وهل سيفيد القضايا العربية أم سينحاز إلي الإسرائيليين وهو حديث ممجوج ما كان ينبغي ان يستغرقنا لأننا نتحدث عن رئيس أمريكي قال لشعبه وهو يبدأ حملته الانتخابية امنحوني الفرصة.. لكي أغير العالم وبالطبع لسنا من الساذجين حتي نظن انه سيغير العالم من أجلنا.. وإنما بكل تأكيد من أجل شعبه يعني المصالح الأمريكية فوق كل شيء وهو شعار يحمله كل رئيس أمريكي يأتي إلي البيت الأبيض. باراك أوباما في الواقع قصة نجاح اسطورية لشاب يافع اسمر البشرة لديه طموح كبير في مناخ يساعد علي تفتح الزهور مهما كانت العقبات. أول رسالة يحملها نجاح أوباما في الوصول إلي البيت الأبيض هي التغيير.. تلك الكلمة السحرية التي فتحت له باب النجاح.. كان شعاره "التغيير والأمل" وحتي منافسه ماكين اختار شعارا قريبا وهو "تغيير الاتجاه". كان أوباما يؤمن بأن الطريق إلي البيت الأبيض يرتبط بالتغيير وليس الخبرة.. فليس مهما ان يكون الرئيس صاحب خبرة كبيرة ولكن المهم أولا ان يكون واعيا بأهمية التغيير الذي يفتح باب الأمل أمام كل القدرات والمواهب لتعزف معا سيمفونية واحدة تحترم في النهاية الناس. وكانت حملته تركز بذكاء علي فكرة انه من الأفضل الاعتماد علي تراكم اخطاء الخصم وليس الرد علي ما يقوله فقط. كان أوباما يقول انه جاء لكي يركز علي حل مشكلات الطبقة الوسطي والصحة والتعليم أما مشكلات الطبقة الوسطي فقد فسرها بعد ذلك في أول حديث اذاعي بعد نجاحه في الانتخابات قال نحن في حاجة أولا إلي خطة لانقاذ الطبقة الوسطي التي تسعي لخلق فرص العمل والتخفيف عن هؤلاء الذين يعانون من ضعف المرتبات وطبعا هذه المشكلات ليست أمريكية فقط ولكنها في كل دول العالم الثالث تقريبا. ديفيد بلوف مدير الحملة الانتخابية لأوباما كان ذكيا عندما تبني استراتيجية علي أساس المقولة السياسية المعروفة وهي ان السياسي لايتفاوض مع اصدقائه بل مع اعدائه ولهذا سعي لمخاطبة الجميع ولم يعط اهتماما لمن كان يقول ان هناك ولايات معينة مضمونة للجمهوريين بل الحملة يجب أن تخاطب الجميع وخاصة هؤلاء الذين في المعسكر الآخر من بين الاشارات المهمة في الحملة الانتخابية التي أوصلت أوباما لمقعد الرئاسة.. استخدام تقنيات حديثة جدا حيث تم تطويع التكنولوجيا لاحتياجات الناس من خلال المعلومات المعروفة عنهم فمثلا إذا ظهر من بيانات أحد الناخبين انه يعاني من مرض عضال فإن الرسالة الاكترونية الموجهة إليه تقول له ان اتخاذ قراره باختيار المرشح مهم جدا بالنسبة له وعليه ان يختار المرشح الأفضل لنظام الرعاية الصحية. وطبقا لما قالته الباحثة الأمريكية جولي جيرماني بكلية الادارة السياسية بجامعة جورج واشنطن فإن 70% من الشعب الأمريكي يقضي بعض الوقت علي الانترنت ونصفهم تقريبا يساهم بفاعلية في الشبكة الدولية من خلال البريد الالكتروني والمدونات ولهذا نجحت حملة أوباما في جمع تبرعات مالية ضخمة من خلال مخاطبة هؤلاء الذين يستخدمون الانترنت كما ان الديمقراطيين والجمهوريين استخدموا في حملاتهم مواقع عديدة في مقدمتها يوتيوب وكويك وفيسبوك وتوبتر واكتبلو ونتروت والتفاعل مع مستخدمي هذه المواقع لم يكن فقط توجيه رسائل وإنما ايضا الاستماع إليهم ومناقشتهم. لقد سجل موقع "سي ان ان" علي الانترنت رقما قياسيا من الزائرين بلغ 30 مليونا ليلة الانتخابات كما شهدت الصحف المطبوعة انتعاشا غير مسبوق بسبب الملاحق التي اصدرتها عن أوباما. نيويورك تايمز واشنطن بوست زادت عدد نسخها بنسبة 3% أما موقع "أي باي" فقد باع النسخة الواحدة من النيوريورك تايمز بمبلغ 199 دولارا مساء يوم الاربعاء الذي ظهرت فيه نتائج الانتخابات. ريما ريما كالديرون رئيسة قسم الاتصالات في واشنطن بوست فسرت هذا الاقبال بأنه يعكس أهمية الصحف المطبوعة في العصر الرقمي عندما يقع حادث تاريخي فالناس تسعي للاحتفاظ بنسخة لأبنائهم.. أي للمستقبل. ان الرسائل موجهة إلي الجميع فهل نستوعبها جيدا من أجل المستقبل.

ليست هناك تعليقات: