الخميس، 15 يناير 2015

لم أتحمس كثيراً لمليونية باريس ضد الإرهاب التي شارك فيها ما يقرب من مليون فرنسي ومعهم أكثر من 60 دولة يمثلها رؤساء ووزراء.. في قلب العاصمة باريس يوم الأحد الماضي في سابقة أوروبية أثارت تساؤلات أكثر مما أعطت من معلومات ومنذ اللحظة الأولي لحادث شارلي ابدو قال الرئيس الفرنسي ان المسيرة موجهة للعنف وليس ضد ديانة معينة.. ومسئولون فرنسيون أكدوا مرارا وتكرارا انهم يفرقون بين الاسلام وبين الارهاب.. والملفت ان الأمن الفرنسي أنهي المشكلة كلها في أقل من ثلاثة أيام حيث قتلوا مرتكبي الجريمة وأنهوا المشكلة.. وبدأت الأجهزة في اتخاذ اجراءاتها لحماية بلدهم من الارهاب.. وإذا كنا ندين قتل صحفيي شارلي ابدو إلا اننا لا نعفي الجريدة من الخطأ في الإساءة للرسول صلي الله عليه وسلم ندين العنف وندين الاساءة أيضاً.. جلست أمام شاشة التليفزيون أشاهد المسيرة المليونية وزعماء العالم يمسك بعضهم بأذرع بعضهم.. في اشارة إلي اتحاد دول أوروبا في مواجهة الارهاب ورحت أتأمل خمس ملاحظات حول هذه المسيرة.
أولاً: قيمة الإنسان
أول رسالة هي ان العالم يقدر تماما أهمية الانسان الأوروبي وهذا علي عكس ما يحدث في الشعوب المتخلفة.. حوادث ارهابية كثيرة تحدث في العالم العربي ولم ينتفض زعماء العالم وأقربها مئات الفلسطينيين الذين سقطوا في الهجوم الاسرائيلي علي غزة.. ولم يفعل أبو مازن مثل ما فعله يوم الأحد الماضي لم يدع لمسيرة حتي لو كانت شعبية ولكنه ذهب لباريس رغم سوء الطقس لأن الإنسان الفرنسي أغلي من العربي بكل أسف.
ثانياً: نتنياهو وعباس
شاهدنا كيف تسابق ممثلو دول العالم للظهور في الصف الأول من المسيرة.. سعي إلي ذلك نتنياهو رغم ما قيل من ان الإدارة الفرنسية لم تكن تفضل أن يأتي إلي باريس.. ولما لاحظوا اصراره علي الظهور بالصف الأول تدخلت لإحداث نوع من التوازن وظهر محمود عباس في نفس الصف.. حتي لا يفهم أحد أي معني سياسي لا تريده فرنسا.. هذا ما نشرته الصحف الاسرائيلية وفي مقدمتها هاآرتس.
ثالثاً: شيخ الأزهر
لم نر قيادة اسلامية مسلمة أو مسيحية في المسيرة.. لم يذهب شيخ الأزهر ولا البابا تواضروس إلي تلك المليونية لأنها بالأساس عمل سياسي.. ولا رأينا بابا الفاتيكان لأن السياسيين هم الذين يواجهون الارهاب بقوانينهم.. أما علماء الدين فلهم منابرهم في المساجد والكنائس.
رابعاً: تقييد الحرية
ظهر الحديث عن إجراءات مشددة وهي تواجه بعض الاعتراضات من تقييد حرية الانسان.. وزراء الداخلية والعدل الأوروبيون يدرسون اتخاذ إجراءات لتأمين بلادهم.. منها فرض قيود جديدة علي طالبي الهجرة والدخول إلي الدول الأوروبية ونقل معلومات اضافية عن المسافرين والخوف الآن من أن تمثل هذه الإجراءات قيودا علي حرية الإنسان.
خامساً: مواقع الارهابيين
هناك ما يقرب من 300 ألف موقع علي الانترنت يمكن تصنيفها ضمن المواقع التي تنشر الارهاب في العالم وهي تحت المراقبة الأمريكية ويبدو انها ستتعرض لإجراءات جديدة لإزالتها والقبض علي أصحابها.. ولكننا يجب أن ندرك ان المسألة ليست بهذه البساطة لأن معظم هذه المواقع يتم بثها من الولايات المتحدة الأمريكية.. وكثير من الدول تعجز عن حذفها.. ولكن أمريكا تستطيع وهذا يخضع لتوصيف هذه المواقع هل هي تضر بالمصالح الأمريكية وهذه يمكن إغلاقها فوراً.. أما غير ذلك فالأمر يحتاج إلي نظرة مختلفة وهذه هي أمريكا.. كل أوراق اللعبة في يديها. 

ليست هناك تعليقات: