الخميس، 16 يونيو 2016

محمد الشرقاوي :3 دروس.. من الصحابي الذي أبكي عمر بن الخطاب

قال عنه المؤرخون: انه الرجل الذي اشتري الآخرة بالدنيا.. وآثر الله ورسوله علي سواهما.. وقد عاش حياة تعتبر نموذجاً للإنسان الذي ينشد العدل والشفافية في كل تصرفاته.. كان يفهم المسئولية علي انها خدمة الناس.. والنجاح في الدنيا يبدأ بالسيطرة علي رغبات النفس وحب الآخرين ومراعاة الله في كل سلوك.. وهو الذي ابكي عمر بن الخطاب.. إنه الصحابي سعد بن عامر الجمحي الذي هاجر مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة.. وشهد معه العديد من الغزوات ولما انتقل الرسول إلي جوار ربه صار سيفاً مسلولاً في أيدي خليفتيه أبي بكر وعمر.. الذي يمكن الخروج من سيرته الذكية بعدة دروس أختار منها ثلاثة:
أولاً: النصيحة الخالدة
دخل علي عمر بن الخطاب في أول خلافته فقال يا عمر أوصيك أن تخشي الله في الناس.. وألا يخالف قولك فعلك فإن خير القول ما صدقه الفعل.. وعليك أن تحب للناس ما تحب لنفسك وأهل بيتك.. واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك.. ولا تخف في الله لومة لائم.
فقال عمر ومن يستطيع ذلك ياسعيد.. فقال يستطيعه رجل مثلك ممن ولاهم الله أمر أمة محمد وليس بينه وبين الله أحد.
ثانياً: الشكوي من الوالي
دعاة عمر إلي مؤازرته فجعله واليا علي حمص.. وذات يوم ذهب عمر ليتفقد حمص فسمع بعض الشكاوي فجمع بين الشاكين وبين الصحابي الجليل.. وقال عمر لهم: ماذا تشكون من أميركم؟
قالوا: يتأخر عن مباشرته الدوام صباحاً إلي الضحي.
واتجهت الأنظار إلي الوالي سعيد بن عامر الذي قال: يا أمير المؤمنين إني أكره أن افصح عن هذا الأمر.. فإذا لابد منه فأقول إنه ليس عند أهلي خادم فأقوم بعجن العجين وأتركه حتي يختمر ثم أخبز العجين واتوضأ .. وأخرج للرعية.
ـ قال عمر للرعية: وماذا بعد عن سعيد..؟
ـ قالوا: لا يجيب أحداً في الليل.
فاجاب سعيد:
لقد جعلت النهار للرعية ـ أي قضاء حاجات الناس والوقوف علي مصالحهم ـ وجعلت الليل لله "سبحانه وتعالي" أعبده وأناجيه واتضرع إليه.. فاطمأن عمر لاختياره سعيداً لهذا المنصب.
ثالثاً: الفقر
طلب عمر بن الخطاب يوماً تزويده بأسماء الفقراء والمحتاجين من أهل حمص وفوجيء بأن اسم سعيد بن عامر في مقدمة الأسماء.
قال عمر مستفسراً ومندهشاً: وهل أميركم سعيد بن عامر فقير..!!
فقالوا له: نعم.
فيرد الخليفة عليهم متسائلاً:
وأين عطاؤه ورزقه..؟
فقالوا له:
ـ يا أمير المؤمنين ان سعيد أميرنا لا يمسك شيئاً.
وأمام هذا المشهد الأخلاقي والمثالي الفريد لم يملك معه خليفة المسلمين إلا ان بكي.. وأرسل له ألف دينار ليستعين بها علي حياته وعائلته وتدبير شئونه ولما وجد سعيد بن عامر مبلغ عطاء الخليفة في بيته انتابه الغضب .. وبدأ عليه التأثر.. حتي ظنت زوجته أن نائبة قد حلت.. فسألته.
ـ هل جري شيء للخليفة يا سعيد..؟
ولم يملك سعيد إلا ان يسترجع نفسه ويقول:
ـ إنها فتنة الدنيا ثم يتبرع بكامل المبلغ إلي فصائل الجيش الإسلامي المتوجهة إلي ساحات الجهاد والفتح والتحرير.. هذا هو الايثار والبذل في سبيل الله تعالي. 

ليست هناك تعليقات: