الجمعة، 11 مايو 2012



على مسافة 600كلمة

يفصل الكاتب عن قارئه مسافة ..طولها يتحدد بعدد كلمات مقاله .. قد تكون هذه المسافة كبيرة اذا كان الكاتب غير امين فيما يكتب.. وقد لاتكون فاصلا ضخما اذا كان الكاتب على موجة واحدة مع قارئه.. لانه يحترمه ويكتب ما يرى انه مفيد له
افتح اى صحيفة مصرية لترى المسافات الشاسعة بين الكاتب والقارئ..كثير من الكتابات مغرضة تسعى لخداع القارئ وقليلة هى التى تصب فى مصلحته..وكثيرا ما نقرأ عن عمليات التصحيح ونفى ما نشر..
وبعيدا عن السياسة التى تدفع المسئول عن التراجع عما قاله اونفى ما نشر على على لسانه .. فاننا يجب ان نعترف بان الاخطاء الاعلامية كثيرة.. ترجع اسبابها الى المناخ العام الذى عاشه الاعلام المصرى على مدى اكثر من خمسين عاما مضت.. فوسائل الاعلام امتلكتها الدولة .. وصارت جزءا من ادواتها القوية للتواصل مع الجماهير ومع الدول الاخرى .. وبالتالى صارالاعلام جزءا من المنظومة السياسية يقول ما يريده الرئيس ويجمل ماتفعله حكومته .. ويخفف او يزور كل شيئ..
التصق الاعلام القومى بالنظام .. فصار كل هدفه تبرير او تزوير الواقع .. ودفع ذلك الجماهير الى الابتعاد شيئا فشيئا .. ولما ظهر الاعلام الخاص او المستقل وجد الفرصة سانحة لينجح لان المسافة كانت قد اتسعت بين الناس وبين الاعلاميين الحكوميين

&&&
لقد نجح الاعلام المستقل بنفس الناس الذين كانوا فى الاعلام الحكومى الذين شعروا مبكرا بان المسافة بينهم وبين قرائهم تتسع .. فالحرية التى اختفت فى الحكومة ظهرت فى مكان اخر .. وعندما انتعش الاعلام المستقل فى بلادنا اضطرت الدولة لفتح الباب اكثر لمزيد من الديمقراطية .. وهذه الكلمة بالذات (مزيد من الديمقراطية) كا ن الحزب الوطنى المنحل قد رفعها شعارا فى السنوات الخمس الاخيرة من حكمه .. وصارت بابا صحفيا فى صحيفة الحزب التى كانت تصدر فى ذاك الوقت باسم مايو ..وصار الشعار اغنية غناها المطربون فى العرس السنوى الذى كان الاعلام الحكومى ينصبه فى عيد ميلاد الرئيس الذى يحاكم الان .. وكثيرا ماكنا نسمعها ونشاهدها على السنة مطربين وشعراء ينسبون انفسهم الان الى الثورة التى غيرت النظام .. كانت الاغنية التى لا اتذكر غير اشهر كلماتها هى (اديها كمان حرية) وهى بكل الاحوال تعكس ماكان موجودا وهو الاحتياج الى الحرية التى كان النظام يعطيها للشعب طبقا لمفاهيمه واسلوبه فى ادارة الدولة

&&&

والحديث عن الاعلام الخاص اوالمستقل يجرنا للحديث عن الاعلام الجديد الذى كان اهم وسائل الثورة التى اطاحت بالنظام نفسه ,, فشباب هذا الوطن عندما ضاقت المسافة بينه وبين اعلام حكومته راح يبحث عن مساحة اكبر عبر الانترنت .. وصارت الفيس بوك صحيفته اليومية ,, واصبح التويتر اذاعته وصارت اليوتيوب تليفزيونه الحقيقى .. ولم يعد يرى تليفزيون الدولة ولايقرأ صحفها ولايستمع لاذاعتها .. ولم يدرك الاعلام الحكومى انه تاه فى المسافة بينه وبين شباب الوطن .. وادرك متأخرا مدى تخلفه .. وانقلب بعد الثورة يحاول ان يستعيد توازنه .. والى حد ما جذب كل رموز المعارضة وبدأ يتحدث بلسان الثورة .. لكن المسافات عادت للابتعاد يوما بعد يوم ..والان يشعر كثير من المراقبين ان الاعلام الحكومى عاد لنفس النغمات القديمة .. وبكل اسف عادت كثير من الصحف والفضائيات الى نفس المسافات التى كانت موجودة قبل الثورة.. لكن ظلت شبكة الانترنت محتفظة بنفس حيويتها الثورية فعاد اليها الشباب من جديد .. ربما انتظارا لثورة اخرى . وربما لاستعادة الثورة التى اثقلتها القضايا والنزاعات السياسية .. واطماع البعض واحلام الكبار والصغار وموأمات فلول النظام السابق
&&&
نحن الان على مسافة ايام قليلة من تغيير كبير فى الدولة .. لابد ان يطال الاعلام نفسه واظن ان اول خطوة مهمة يجب ان يبدأها الرئيس الجديد هى ان يعيد للاعلام المصري دوره الاساسى فى خدمة برنامجه التنموى الذى سينهض بالبلاد كما بشرنا كل المرشحين..
ننتظر ان تقترب المسافة بين الكاتب وقارئه وهذ يحدث عندما تكون هناك حرية لتداول المعلومات .. واحترام لعقلية الجماهير وتحكيم الضمير فى كل اعمالنا التى تنطلق فى اتجاه واحد.. وهو خدمة المواطن الذى هو الاساس فى نهضة الوطن.

ليست هناك تعليقات: