الجمعة، 5 سبتمبر 2014

الحكومة الحائرة بين الفقراء وتطبيق القانون



صدقت ما كتبته الصحف عن نجاح الحكومة فى نقل الباعة الجائلين من وسط البلد الى منطقة الترجمان .. فهذه الصحف وبعض القنوات الفضائية نقلت لنا فرحة الباعة بالمكان الجديد  .. وكيف دفع نائب المحافظ مائة جنيه ثمنا لسلعة لايزيد ثمنها على عشرة جنيهات تشجيعا لبائع كان سعيدا بالمكان الجديد  .. فى اشارة الى ان الجميع سيأتى الى هذا المكان .. وشاهدنا صور بعض شوارع وسط البلد وحركة المرور تسير بسلاسة .. لخلوها من البضائع التى كانت تملأ الارصفة والشارع ايضا .. وبدأت تلك الصحف تتحدث عن الخطوة التالية وهى تطويرميدان رمسيس بنفس الطريقة .. حتى ذهبت بنفسى الى منطقة الترجمان قبل يومين لاجد المفاجأة.. فمازال سوق الترجمان خاليا من  الباعة .. حيث يمكن أن نعد على الاصابع عدد البائعين الذين افترشوا أماكنهم تحت الشمس الحارقة .. ولا أثر للمشترين ..
هناك بائعون وبضائع ولكن لا مشترين .. سألت احدهم : أين بقية الناس ..
اجابنى :سوف يأتون مكرهين .
قلت له: ولكن الاعلام الرسمى والمسئولين  يبثون اخبارا وحوارات توحى بان البائعين كانوا ينتظرون هذه الخطوة لنقل نشاطهم من وسط المدينة..
أجابنى : بعضهم مازال يعيش فى الماضى حيث كانت الحكومة تتحمس لاى اجراء ثم تهدأ الامور فيعود كل شيئ الى ماكان عليه .. بمعنى ان هؤلاء البائعين لديهم قناعة بأن كل شيئ سيعود سيرته الاولى بعد عدة ايام .. لهذا لم يأتوا الى  الترجمان .. ذهب بعضهم الى رمسيس وبعضهم الاخر الى مناطق بعيدة عن انظار الشرطه . وبعضهم نقلو نشاطهم الى مترو الانفاق على امل انهم عائدون مرة اخرى الى اماكنهم ..
 قلت له :: ولكن يبدو الامر هذه المرة مختلفا عن المرات السابقة .. هناك اصرار على التنفيذ وعدم التراجع الى الوراء مهما كانت الاسباب ..بدليل هذه الاعداد من جنود وضباط الشرطة الذين نراهم على مداخل المكان الجديد للبائعين  لاعطاء شعور بالامان للجميع .. البائع والمشترى .. كما ان تواجد سيارات الشرطة فى المناطق التى تم اخلاؤها من الباعة يعكس الاصرارعلى عدم عودتهم  الى اماكنهم القديمة ..
صمت صديقى وهو يهز رأسه متعجبا من حماسى للتجربة وسألنى بدهشة : انت مع من .. الفقراءالذين يبيعون للفقراءامثالهم بضائع اقل بكثير من سعرها .. ام مع الحكومة التى لم تكن رحيمة معهم؟؟
اجبته: انا مع الفقراءالذين يسقطون دائما من حسابات الحكومة التى تتحدث كثيرا باسمهم ..ولكنى ايضا مع حق الاخرين فى تطبيق القانون وعدم التعدى على الارصفة ..واظن ان تطبيق القانون يرضى الجميع اذا طبقته الحكومة بشفافية وعلى الجميع بلا استثناء

والسؤال المهم الان هو: هل تسرعت الحكومة فى تنفيذ فكرتها باخلاء الارصفة والشوارع من هؤلاء البشر التى تعتبرهم الحكومة ..يعرقلون المرور ويشوهون الشوارع ..؟ ثم ألم يكن من الافضل لنا وللحكومة ان تبحث اولا عن توفير السلع باسعار فى متناول الفقراء  بحيث تدفعهم الى عدم اللجوء لهؤلاء الباعة الذين يقدمون بضائع ارخص من الموجودة فى المحلات الكبرى ؟.... ان الاسعار ارتفعت فى كثير من السلع .. ولو ان الحكومة فكرت فى ضبط الاسعار لما احتاج الفقراء الى الذهاب الى هؤلاء الباعة الذين لديهم بضائع بديلة ارخص.

ليست هناك تعليقات: