الأربعاء، 22 أغسطس 2012

كتبت من قبل عن مشكلات المؤسسات الصحفية القومية.. ومازلت عند رأيي بأنه لن ينصلح حال تلك المؤسسات إلا إذا تحولت إلي مؤسسات إعلامية متكاملة.. تكون بديلة للمؤسسات الحالية التي تئن من المشكلات.
مؤسسات إعلامية تصدر صحفا وتنشيء مواقع إلكترونية لها وللآخرين.. وتنتج برامج ودراما وتنظم حملات إعلانية وتبث قنوات تليفزيونية ومحطات اذاعية.. وتقوم بتوزيع منتجها الإعلامي ومنتجات الآخرين.
ولم يعد دور المؤسسات الصحفية مقصوراً علي إصدار صحف تحقق خسائر أكثر مما تحقق من أرباح في زمن انصرف فيه القراء إلي الفضائيات والإنترنت.. وصارت الصحف عبئا ثقيلا بعد انخفاض الاعلانات.. يجب أن تذهب المؤسسات إلي قراء من نوعيات مختلفة لتعوض خسارتها في التوزيع والاعلانات.. وهذا لا يتحقق إلا بفكر مختلف.. يعتمد علي التقنيات الحديثة.. فالمشروعات التي تدر أرباحا الآن هي في الغالب تأتي من العالم الرقمي.. صحافة الموبايل وصحافة الداتابيز وصحافة الفيديو وأكثر الكلمات التي نسمعها منذ فترة ان هذه الصحف القومية يدفع تكلفتها دافع الضرائب المصري.. أي انها تتلقي دعما حكوميا والحقيقة انها يجب أن تكون كذلك حتي تكون في خدمة الشعب.. وليس في خدمة لحاكم كما كان يحدث في الماضي... الواقع ان هذه الصحف تحملت كثيرا من الأعباء علي مدي السنوات الماضية وصارت ديونها للبنوك وغيرها من الهيئات الحكومية كالتأمينات والمعاشات أكبر من أن تتحملها.
الآن يتحدثون عن إعادة هيكلة هذه الصحف.. بعض الآراء تري أنها يجب أن يتم تخصيصها وبعضها الآخر قال انها يجب ان تملك للعاملين بها بنسب معينة.. وآراء أخري كثيرة قيلت وكان هدفها جميعا أن تصبح ملكا للشعب تتحدث عنه ولا تكون لسان حال الحاكم.
وفي رأيي ان الحالة المصرية لا تسمح بما يسمح به المناخ الموجود في بريطانيا أو أمريكا.. الحالة المصرية تقول ان عندنا عشرات الصحف الخاصة أو المستقلة والحزبية وكلها تنتقد الحكومة وهدفها جذب القارئ إليها.. فإذا خصخصنا الصحف القومية فإننا بذلك نترك القارئ فريسة لتلك الصحف التي يتحكم فيها رأس المال الخاص.. ورجال الأعمال.. وأحيانا بعض الجهات الأجنبية التي تتستر خلف واجهات محلية.. اذن نحن في مرحلة تقتضي أن تقدم حكومة ثورة 25 يناير نموذجا للصحافة القومية التي تبني ولا تهدم وتخدم الشعب ولا تضلله.. وتقدم له الحقيقة بلا تلوين أو تزييف أو غرض في نفس يعقوب.
المفروض أن تتحول هذه الصحف القومية إلي سلطة شعبية حقيقية بأن تكون ملكيتها للدولة تدفع تكاليفها الدولة من أجل ان تخدم الشعب.. وهنا نستطيع أن نقول أن دافع الضرائب المصري هو من يملك هذه الصحف.. انني أتحدث عن نظام جديد لهذه الصحف أشبه بما يتم مع القضاة مثلا.. فهم مستقلون لا هدف لهم إلا حماية الشعب بقوانين تخدم هذا الشعب وتتحمل الدولة مرتباتهم.. أساتذة الجامعات أيضا يتقاضون مرتباتهم من الدولة في نظام سياسي يعمل الآن علي أن يوفر للأستاذ الجامعي الاستقلال.
الصحف القومية أيضا يجب أن تصرف عليها الدولة وتضمن أن توفر لها الاستقلال لتؤدي دورها في التنمية ومواجهة الشائعات والكتابات المغرضة.
هذه صيغة للملكية تجعل هذه الصحف ملكا للدولة تتحمل نفقاتها بالكامل وتختار قياداتها الصحفية والإدارية لتحقق لها الاستقلال والنجاح.. وهذه أكبر خدمة تقدمها الحكومة للشعب الذي يجب أن يعتمد علي إعلام دولته بدلا من أن يتوه وسط آلاف الصحف والقنوات.. صحافة الدولة التي تدار بشكل مهني واقتصادي.. خدمة للشعب وليس خدمة للحكام.

ليست هناك تعليقات: