الخميس، 21 أغسطس 2014

مصر التى نعرفها .. ولا نعرفها




هنا ..لاتجدهم عند الأبواب ولا فى الشوارع الجانبية  .. لا اثر لهم  .. فالحياة هنا لاترى هؤلاء الفقراء الذين يملأون الاحياء العشوائية ويعيشون فى القبورويمدون اياديهم طلبا للمساعدة  .. هنا تشعر انك فى مانهاتن بالولايات المتحدة او شارع الشانزلزيه فى باريس ..  حيث كل الوجوه  ناعمة  وأجسام  الرجال منتفخة تزاحم الفتيات الرشيقات .. والبارفانات  تجعل للحياة طعما مختلفا .. هنا أناس يحبون الحياة .. لاتشغلهم مظاهرات الاخوان .. ولاالارهاب فى سيناء .. ولاالعنف الذى يجعل شوارع القاهرة تغلق بعض ميادينها الكبرى يوم الجمعة .. هنا الحياة مختلفة .. كأنك لست فى مصر
أقول لصديقى: هذه مصر- ياعلى- التى لانعرفها .. ولما تظهر علي وجهه الدهشة أقول له : مصر التى نسمع عنها ونزورها فى المناسبات .. مثلما نفعل عندما نسافر الى الخارج فى مهمات العمل أو بحثا عن عمل .. هؤلاء الذين نراهم مصريون ولكنهم ليسوا مثلنا .. حيث الإنفاق بلا قلق .. كل من يأتى الى القاهرة الجديدة فى حقيبة يدة الاف الجنيهات .. وكروت ائتمان لايعرف بالضبط بكم هى مليئة .. يأكل ويشرب ويعزم اصدقائه ومعارفه  .. دون ان ينتابه اى قلق من ان الحساب قد يكون اكثر مما يحمل من أموال
نظر صديقى الى سيدة فى خمسينات العمر ..جسد رشيق  وشعر يبدو مغسولا بفعل الكريمات والزيوت .. وبنطلون ويلوزقصيرة  وحذاء شاهدت ثمنه مرة فى احدى المولات بوسط البلد فكان الف وخمسمائة جنيه .. هذه الخمسينية تبدو فى عز شبابها  ..لاتشبه أمى ولا خالتك ولا حتى ابنة عمك التى فاتها قطار الزواج .. بل تشبه كل السيدات اللاتى يجلسن مع اخريات واخرين وان كنت لاتعرف هل هم اصدقاء ام عائلة واحدة .. فى الكافيه الذى استضيف فيه صديقى العائد من الكويت تصل الى اسماعنا أصوات ضاحكة  وحديث عن الدولارات واليورو .. وتلتقط الاذن حوارا عن الفنان كريم عبد العزيز وفيلم احمد حلمى الذى هزمه الفيل الازرق.. ولطيفة التى تغنى ( لما السما تنزل ع الارض ..ولما الطول يصبح بالعرض.. ولما فى يوليو تموت م البرد انا ممكن احن علييك) .. وحوار بين فتاتين بالتى شيرت والبنطلون الملتصق  عن نانسى عجرم  وهى تغنى (مش فارقة كتير..فى قربك زى فى غيابك) واليسا التى تشكو من وجع قلبها ..وصافيناز التى يريد (الجهلة) ترحيلها من مصر دون أن ترتكب اية جريمة .. ويميل صديقى على اذنى هامسا :: لما يرحلوا صافيناز الناس دى تعيش حياتها ازاى ..وتصرف ملايينها فين..!!
ويأتينى (الجرسون )الذى يشبه نجوم السينما باناقته الملفته.. وذوقه الذى لايمكن ان تصدقة وينحنى امامك بابتسامه ليست باهته .. بل تبدو حقيقية لانها ستجعلك تدفع مئات الجنيهات اذا أقنعك بأنواع الاطعمة المغرية التى يعرضها.. ونصف كلامه بالأنجليزى والفرنساوى وأحيانا بالايطالى على حسب الزبون ..
أتحسس جيبى وانا أحاول أتقمص شخصية كل من يأتى الى هنا .. لاتهم الفاتورة .. فالفيزا تسد  وبعدين نبقى نتحسر على الساعة التى جلسناها هنا وضيعنا فيها 800جنية عشان شوية جمبرى وسمكتين وحبة سلطات وعينات من الفاكهة والايس كريم  والعصائر تركنا نصفها على المائدة .. ولم نجرؤ على ان نطلب منه أن يلف الباقى ديليفرى كما كنا نفعل فى مطاعم وسط البلد .. فانت هنا فى فى الداون تاون بنيويورك  .. حى ناطحات السحاب والمليونيرات  والحياة التى تعيش على الترفية  والاموال التى تاتى دون حساب  . ولكنى استدرك لاقول لك ان كل هذه القصة لم تكن فى امريكا ولا فى باريس ولا خارج مصر . بل فى التجمع حى الاثرياء الجدد .. ومنطقة مصر التى نعرفها ولا نعرفها ..!

   هنا حيث تصرف المليارات على الاستثمارات الترفيهية مع ان مكانا واحدا كان كفيلا بحل مشكلة الاف الاسر الفقيرة ..لكن الاموال هنا تزيد والارباح كبيرة  اما الفقراء فيجلبون الفقر ..! 





ليست هناك تعليقات: