الاثنين، 24 مارس 2014


مطعم أو كافتيريا  .. بدلا من صحيفة قومية ..!!

ماذا لو قررت الدولة .. ان تحول احدى صحفها القومية -  التى تحقق خسائر ضخمة  - الى مطعم  او كافيتريا او دار حضانه  او مركز ثقافى ..؟!
هذا السؤال التخيلى  قد يكون مستفزا .. ولكنه - فى هذه الايام - يمكن ان يحدث .. وان يجد من يتحمس له ويدافع عنه .. لانه من الناحية الاقتصادية   حل جيد لدى البعض لان احدا لايريد ان يتحمل الخسائر التى تصل الى المليارات وليس الملايين ..  فى ظل المشاكل التى تعانى  الحكومة منها  ..فالاسعار التى تزيد بشكل جنونى .. وتدنى مستوى معيشة الفقراء يجعلها تفكر الف مرة فى الصحف القومية
والسؤال ليس بعيدا عن الواقع لانه حدث بالفعل ..ولكن ليس فى صحيفة قومية مصرية .. ولكن فى صحيفة فرنسية شهيرة كانت توزع مائة الف نسخة  وهو المعدل الذى توزعه بعض الصحف القومية .. الصحيفة الفرنسية هى ليبراسون حيث عرض ملاكها ان يحولوها الى مشروع تجارى يعوض الخسائرالتى يتحملونها منذ بعض الوقت .
برونو لودو .. المساهم الرئيسى وممثل الملاك فى صحيفة ليبيراسيون قال انه يحتاج الى 12 مليون يورو..لحل مشكلات الصحيفة الناجمة عن ضعف توزيعها بنسبة 15فى المائة ..وهروب الاعلانات وزيادة نفقاتها .. وقال ان لديه خطة لتطوير الصحيفة وتحويلها الى مركز ثقافى  وشبكة تواصل اجتماعى وهذا يتطلب الاستغناء عن عدد من الصحفيين الذين يشكلون عمالة زائدة.. ولما سأله الصحفيون عما اذا كان سيراعى مسألة رفض الصحفيين لهذا التوجه كانت اجابته : ان من لاتعجبه هذه الخطة فليس مرغما على البقاء فى العمل لان الصحيفة ليست ملكا للصحفيين .. وقال بحسم : نحن لسنا فى الاتحاد السوفيتى .. فى اشارة الى ان النظام فى بلاده رأسمالى يطبق نظام اقتصاد السوق  من يكسب يستمر ومن يفشل  عليه ان يرحل ..
وتصاعدت الازمة الى الدرجة التى استقال فيها (نيكولا ديموران )رئيس التحرير بعد اضراب العاملين فى الصحيفة لمدة يوم تعبيرا عن رفضهم  .. وعادوا ليصدروا عددا استثنايا ونادرا زينوا صفحته الاولى بكلمات عريضة تقول  : نحن لسنا مطعما ولاشبكة اجتماعية ولامركزا ثقافيا ولابارا.. ولاحاضنة لشركات ناشئة .. نحن صحيفة .
الاغرب من كل ذلك انه لاول مرة نجد مظاهرة امام المبنى من قراء الصحيفة الذين حملو ا لافتات تاييد لاستمرار صحيفتهم ..التى اصدرها  الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر عام 1973
وامام اصرار ملاك الصحيفة على تنفيذ خطتهم  ورفض الصحفيين لها.. عاشت ليبيراسيون اياما عصيبة  فى ظل اجراءات اصعب حيث تم تخفيض الرواتب بنسبة 10 فى المائة  والخوف المتزايد من المصير القادم وهو الاحتضار الذى يشعرون به  بعد موت صحيفتين خلال العامين الماضيين وهما فرانس سوار  و..لاتريبيون   اللتين لم تستطيعا الصمود امام الاعلام الالكترونى

ورغم ان الاجراءات الخاصة بتقليل كميات المطبوع وخفض الاجور قد بدأته صحف فرنسية اخرى مثل لوموند  ولوفيجارو خوفا من نفس المصير..  الا ان المأساة الكبرى ان عدد قراء الصحف الفرنسية انخفض بنسبة 50فى المائة طبقا لما يقوله تقريرنشره موقع مونت كارلو  حيث يقرأ الفرنسيون حوالى 70 صحيفة ومجلة تطبع يوميا مايقرب من 8ملايين نسخة ..  ويرجع هذا الانخفاض فى عدد القراء الى اتساع دائرة الاعلام الالكترونى التى باتت تهدد الصحافة العالمية ومصر بلا شك جزء منها .. واخشى ان يأتى الوقت الذى يفكر فيه ملاك الصحف القومية فى استخدام اسمائها كعلامات تجارية  ويحولونها الى مطاعم او كافيهات او حضانات .!

ليست هناك تعليقات: